للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصححه ابن حبان، قال القرطبي: هذه الأحاديث حجة على عثمان الليثي حيث أجاز بيع كل شيء قبل قبضه وقد أخذ بظاهرها مالك فحمل الطعام على عمومه وألحق بالشراء جميع المعاوضات، وألحق الشافعي وابن حبيب وسحنون بالطعام كل ما فيه حق توفيه، وزاد أبو حنيفة والشافعي فعدياه إلى كل مشتري إلا أن أبا حنيفة استثنى العقار وما لا ينقل واحتج الشافعي بحديث عبد الله بن عمر وقال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن (١)» أخرجه الترمذي، (قلت) وفي معناه حديث حكيم بن حزام المذكور في صدر الترجمة وفي صفة القبض عن الشافعي تفصيل فما يتناول باليد كالدراهم والدنانير والثوب فقبضه بالتناول، وما لا ينقل كالعقار والثمر على الشجر فقبضه بالتخلية، وما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيوان فقبضه بالنقل إلى مكان الاختصاص للبائع به، وفيه قول أنه يكفي فيه التخلية. قوله عقب حديث ابن عمر: زاد إسماعيل فلا يبعه حتى يقبضه يعني أن إسماعيل بن أبي أويس روى الحديث المذكور عن مالك بسنده بلفظ حتى يقبضه بدل قوله حتى يستوفيه، وقد وصله البيهقي من طريق إسماعيل كذلك، وقال الإسماعيلي وافق إسماعيل على هذا اللفظ ابن وهب وابن مهدي والشافعي وقتيبة.

(قلت) وقول البخاري زاد إسماعيل يريد الزيادة في المعنى لأن في قوله: حتى يقبضه زيادة في المعنى على قوله: حتى يستوفيه لأنه قد يستوفيه بالكيل بأن يكيله البائع ولا يقبضه للمشتري بل يحبسه عنده لا لينقده الثمن مثلا وعرف بهذا جواب من اعترضه من الشراح فقال: ليس في هذه الرواية زيادة، وجواب من حمل الزيادة على مجرد اللفظ فقال: معناه زاد لفظا آخر وهو يقبضه وإن كان هو بمعنى يستوفيه ويعرف من ذلك أن اختيار البخاري أن استيفاء المبيع المنقول من البائع وتبقيته في منزل البائع لا يكون قبضا شرعيا حتى ينقله المشتري إلى مكان لا اختصاص للبائع به كما تقدم نقله عن الشافعي وهذا هو النكتة في تعقيب المصنف له بالترجمة الآتية:

(قوله باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا ألا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله والأدب في ذلك)

أي: تعزيره من يبعه قبل أن يؤويه إلى رحله ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣٤)، سنن النسائي البيوع (٤٦١٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٠٤)، سنن ابن ماجه التجارات (٢١٨٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧٥)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٦٠).