للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

د- أن القول بأن الواو للاستقبال لا للعطف، وأن المعنى انقطع عند قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (١) وأن قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٢) {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} (٣) مستأنف، فيكون الاستثناء من الفسق خاصة دون الشهادة، يجعل الآية لم تأت بمزيد فائدة؛ لأنه معلوم أن التوبة تزيل الفسق بغير هذه الآية، فلا يكون رده إلى الفسق مفيدا، ورده إلى الشهادة يفيد جوازها بالتوبة، إذ يجوز أن تكون الشهادة مردودة مع وجود التوبة، فأما بقاء سمة الفسق مع وجود التوبة فغير جائز في سمع ولا عقل؛ لأن سمة الفسق ذم وعقوبة، وغير جائز أن يستحق التائب الذم، وليس كذلك بطلان الشهادة، فالأعمى والعبد غير جائزي الشهادة، لا على وجه الذم والتعنيف، فكان رجوع الاستثناء إلى الشهادة أولى من رجوعه إلى الفسق؛ لإثبات فائدة الآية (٤).

الإجابة عن المناقشة الثالثة:

أ- أن الاستثناء في اللغة إذا تعقب جملا معطوفا بعضها على بعض، عاد إلى جميعها ولم تختص ببعضها، كقولهم: زينب طالق وسالم حر إن شاء الله، يعود الاستثناء إليهما، ولا يختص بأقربهما، فلا تطلق زينب كما لم يعتق سالم (٥) ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل، فالاستثناء في الآية لم يعد إلى الجلد، لدليل خصه وهو أنه حق آدمي،


(١) سورة النور الآية ٤
(٢) سورة النور الآية ٤
(٣) سورة النور الآية ٥
(٤) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٧٧)، وإعلام الموقعين (١/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٥) الحاوي للماوردي (١٧/ ٢٦)، والمغني (١٤/ ١٩١).