العلم الذي هو جزء من النبوة، قيل لمالك - رحمه الله -: أيعبر الرؤيا كل أحد؟ فقال: أبالنبوة يلعب! وقال مالك: لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها فإن رأى خيرا أخبر به وإن رأى مكروها فليقل خيرا أو ليصمت، قيل: فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال: إنما على ما أولت عليه، فقال: لا، ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة.
فيجب على المسلمين التعاون في منع هذا الأمر كل حسب استطاعته، ويجب على ولاة الأمور السعي في غلق هذا الباب؛ لأنه باب شر وذريعة إلى التخرص والاستعانة بالجن وجر المسلمين في ديار الإسلام إلى الكهانة والسؤال عن المغيبات، زيادة على ما فيها من مضار لا تخفى من إحداث النزاعات والشقاق والتفريق بين المرء وزوجه، والرجل وأقاربه وأصدقائه، كل هذا بدعوى أن ما يقوله المعبر هو تأويل الرؤيا، فيؤخذ على أنه حق محض لا جدال فيه وتبنى عليه الظنون، وهذا من أبطل الباطل، كيف وصديق هذه الأمة بل خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين لما عبر الرؤيا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبت بعضا وأخطأت بعضا (١)» ونحن لا نعلم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم خير القرون وأحرصهم على هدي نبينا صلى الله عليه وسلم وأتقاهم لله وأخشاهم له لا نعلم أنهم عقدوا مجالس عامة لتأويل الرؤى ولو كان خيرا لسبقونا
(١) صحيح البخاري التعبير (٧٠٤٦)، صحيح مسلم كتاب الرؤيا (٢٢٦٩)، سنن الترمذي كتاب الرؤيا (٢٢٩٣)، سنن أبو داود السنة (٤٦٣٢)، سنن ابن ماجه كتاب تعبير الرؤيا (٣٩١٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٣٦)، سنن الدارمي الرؤيا (٢١٥٦).