للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعيان التابعين ومشاهيرهم وأحد تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه، فقد جاء في صحيح البخاري قال مجاهد: استوى: علا على العرش (١)، ومن معتقد أهل السنة أن الاستواء من الصفات الاختيارية التي يفعلها من شاء فهو جل وعلا شاء الاستواء بعد أن خلق السماوات والأرض كما جاء في الآيات السابقة.

(فإن قيل: فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش؟

قيل: الاستواء علو خاص فكل مستو على شيء عال عليه وليس كل عال على شيء مستويا عليه، ولهذا لا يقال لكل ما كان عاليا على غيره: إنه مستو عليه واستوى عليه ولكن كل ما قيل فيه: إنه استوى على غيره فإنه عال عليه. والذي أخبر الله أنه كان بعد خلق السماوات والأرض: الاستواء لا مطلق العلو مع أنه يجوز أنه كان مستويا عليه قبل خلق السماوات والأرض لما كان عرشه على الماء ثم لما خلق هذا العالم كان عاليا عليه ولم يكن مستويا عليه فلما خلق هذا العالم استوى عليه فالأصل أن علوه على المخلوقات وصف لازم له كما أن عظمته وكبرياءه وقدرته كذلك، وأما الاستواء فهو فعل يفعله سبحانه وتعالى. بمشيئته وقدرته ولهذا قال فيه: {ثُمَّ اسْتَوَى} (٢) ولهذا كان الاستواء من الصفات السمعية المعلومة بالخبر.


(١) صحيح البخاري كتاب (التوحيد) باب (وكان عرشه على الماء).
(٢) سورة الأعراف الآية ٥٤