للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإقدام عليه؛ لأنه كما أخبر الله عنه منكر من القول وزور، وكلاهما حرام، والفرق بين جهة كونه منكرا وجهة كونه زورا: أن قوله: أنت علي كظهر أمي، يتضمن إخباره عنها بذلك، وإنشاءه تحريمها، فهو يتضمن إخبارا وإنشاء، فهو خبر زور، وإنشاء منكر، فإن الزور هو الباطل، خلاف الحق الثابت، والمنكر خلاف المعروف، وختم سبحانه الآية بقوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (١) وفيه إشعار بقيام سبب الإثم الذي لولا عفو الله ومغفرته لآخذ به.

وأما السنة:

فمنها: «حديث سلمة بن صخر رضي الله عنه قال: كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئا يتابع بي حتى أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينما هي تخدمني ذات ليلة، إذ تكشف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي، فأخبرتهم الخبر، وقلت: امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: لا والله، فانطلقت إلى النبي صلى الله


(١) سورة المجادلة الآية ٢
(٢) أخرجه أبو داود في الطلاق، باب في الظهار (ح ٢٢١٣) والترمذي في تفسير القرآن، سورة المجادلة (ح ٣٢٩٥) وابن ماجه في الطلاق، باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر ٣/ ٦٣ (ح ٢٠٦٤) والحاكم ٢/ ٢٢١، والدارمي ٢/ ٢١٧، وأحمد في المسند ٤/ ٣٧ مختصرا وابن الجارود ٣/ ٦٧ والطبراني في الكبير ٧/ ٤٣، والبيهقي ٧/ ٣٨٥، كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار، قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال: قال البخاري: سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر. وقال الحافظ في التلخيص ٣/ ٢٤٩: وأعله عبد الحق بالانقطاع، وأن سليمان لم يدرك سلمة. وعليه فقول الحافظ في الفتح: إسناده حسن فيه نظر. وقد توبع سليمان بن يسار عليه. أخرجه الترمذي في الطلاق، باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر (ح ١١٩٨) وعبد الرزاق ٦/ ٤٣١، والطبراني في الكبير ٧/ ٤٢، ٤٣، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٣٩٠، من طرق عن يحيى بن أبي كثير، ثنا أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أن سلمة بن صخر، فذكر نحوه. قال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. لكن أشار البيهقي إلى كونه مرسلا. ورواية سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر وإن كان لم يسمع منه، إلا أنه كان مولى لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا تابعه أبو سلمة ابن عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سلمة بن صخر، وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما يأتي مما يدل على ثبوته.