والمعروف في جميع الملل والنحل أن المواثيق تحترم بنودها وزمانها، وأنها عهد تلتزم به النفوس، فمحمد صلى الله عليه وسلم تحمل منهم النقض مرارا وتكرارا، ولم يعاجلهم العقوبة، مع أنه قادر، حتى رآهم يستمرئون المخالفة، ويستهينون بالمواثيق، ويرون تطبيقها من جانب واحد، وهو ما فيه مصلحة لهم، أما هم فيتصرفون كيفما شاءوا. . مثل ما حكى الله عنهم بقوله تعالى عنهم:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(١) ويريدون بالأميين من ليس يهوديا من العرب.
فكانت النذارة لهم ثم لما تمادوا في عداوة محمد عليه الصلاة والسلام وخانوا العهود أجلى قبيلة منهم عن المدينة، ثم بعد زيادة العداوة والمكيدة وجد أنه لا ينفع معهم غير القوة، أما من دخل الإسلام منهم عن علم ومعرفة فقد طالهم من بني جلدتهم - اليهود - الأذى أيضا، كما حصل لعبد الله بن سلام وصفية بنت حيي رضي الله عنها، التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك تسلية لنفسها.