للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصل لهم أصل الهداية وأصل الأمن وإن لم يحصل لهم كمالها " (١).

وإن قيل: إن العاصي الموحد قد يعذب، فما الأمن والاهتداء الذي حصل له؟ أجيب: فإنه آمن من التخليد في النار وقد هداه الله إلى الصراط المستقيم الذي تكون عاقبته فيه إلى الجنة فهو مهتد إلى طريقها (٢).

ثم قال الله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (٣)

الإشارة في قوله {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} (٤) إلى ما تقدم من الحجج التي أوردها إبراهيم - عليه السلام - عليهم، أي تلك البراهين من قوله {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} (٥) إلى قوله {وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (٦) وتلك الحجج والبراهين علا بها إبراهيم - عليه السلام - على قومه وقطع عذرهم وانقطعت حجتهم، فرفعنا درجته عليهم في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا فآتيناه أجره، وأما في الآخرة فهو من الصالحين. {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} (٧) أي كما رفعنا درجات إبراهيم - عليه السلام - في الدنيا والآخرة.

{إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (٨) أي حكيم في أقواله وأفعاله، عليم بمن يهديه ومن يضله وإن قامت عليه الحجج والبراهين، وهو لا


(١) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ٢/ ٤٢٦.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ابن تيمية، ٧/ ٨١، الفتح، ابن حجر ١/ ٨٩.
(٣) سورة الأنعام الآية ٨٣
(٤) سورة الأنعام الآية ٨٣
(٥) سورة الأنعام الآية ٧٦
(٦) سورة الأنعام الآية ٨٢
(٧) سورة الأنعام الآية ٨٣
(٨) سورة الأنعام الآية ٨٣