للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو للعامة، وأما الحقيقة التي لا يعلمها إلا الخواص فأمر باطن لا يعرف من مفهوم خطاب الرسل فلهذا جعلوا المتكلم بعد الفقيه إلى فوق، وجعلوا هذا الاعتقاد على وجهين: فالاعتقاد المجرد للعامة، والاعتقاد المقرون بحجة للخاصة ثم بعد ذلك للمتفلسف؛ لأنه عندهم جمع بين النظريات الباطنة التي لم يظهرها الرسل بل أشارت إليها، وبعد ذلك الصوفي لأنه عندهم جمع بين النظر وبين التأله الباطن، فصار العلم له شهود، ثم بعد ذلك المحقق على أصلهم وهو الذي شهد أن الموجود واحد وهو الذي انتهى إلى الغاية، ويدعون أن هذا هو لباب ما جاءت به الأنبياء وما كان عليه الفلاسفة القدماء؛ ولهذا يقول ابن سبعين في أول (الإجابة): " إني عزمت على إفشاء سر الحكمة التي رمز إليها هرمز الدهور الأولية وبيان العلم الذي دامت إفادته الهداية النبوية " وهو وابن عربي وأمثالهم في ترتيب دعوتهم من جنس ملاحدة الشيعة الباطنية فإن عقيدتهم في الابتداء عقيدة الشيعة، ثم ينقلون المستجيب لهم إلى الرفض ثم ينقلونه على ترك الأعمال، ثم ينقلونه إلى الانسلاخ من خصوص الإسلام، ثم الانسلاخ من الملل إلى أن يصل إلى البلاغ الأكبر والناموس الأعظم عندهم فيصير معطلا محضا حتى يقولوا: ليس بيننا وبين الفلاسفة خلاف إلى إثبات الوجود يعنون المبدع للعالم فلو تركه الفلاسفة لم يبق بيننا خلاف وهذا في الحقيقة هو منتهى دعوة أولئك الملاحدة " (١)


(١) كتاب الصدفية (١/ ٢٧٢، ٢٧٣)