وقسم نزع بنوع من أنواع الأدلة وترك النوع الآخر، وربما تأوله على غير تأويله وهذه أيضا ضلالة عن الهدى واتباع للهوى.
أما أهل الحق فيعملون بجميع الأدلة ويحملونها على محاملها في مواضعها على ما يقتضيه النظر العلمي الشرعي المؤصل كما فعل سلفهم الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، فكانوا هم أسعد الناس بالعمل بالكتاب والسنة.
والواجب على من نظر في نصوص الوحيين أن يحسن نظره فيهما وأن يظن فيهما ما يوافق الحق، وإن توهم التعارض فليكل العلم إلى عالمه ولا يضرب النصوص بعضها ببعض. فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:(إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا به الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه) أخرجه ابن ماجه بسند صحيح. وأخرج أيضا مثله عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال ابن خزيمة - رحمه الله - في كتابه " التوحيد "، حين جمع بين عدة نصوص ظاهرها التعارض قال في خاتمة بحثه: (فمعنى هذه الأخبار لم يخل من أحد هذه المعاني؛ لأنها إذا لم تحمل على بعض هذه المعاني كانت على التهاتر والتكاذب، وعلى العلماء أن يتأولوا أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قال علي بن أبي طالب: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا به