للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحرم التفسير بالرأي لمن لا تتوفر فيه الشروط السابقة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار (١)» رواه الترمذي، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب فقد أخطأ (٢)» رواه أبو داود والترمذي عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - (٣).

والمعنى أن من فسر القرآن برأيه المجرد دون الرجوع إلى لغة العرب وأساليبها في البيان والرجوع إلى المروي عن الرسول والصحابة، ومعرفة الناسخ والمنسوخ فقد أخطأ الطريق الذي يتوصل به إلى تفسير كتاب الله وإن أصاب في رأيه لمراد الله؛ لأنه أتى الأمر من غير بابه حيث فسر كتاب الله بما لا يعلمه، ولذا نجد الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين تكلموا في القرآن بما يعلمون، وتحرجوا عن الكلام في القرآن بما لا علم لهم به، روي عن أبي بكر - رضي الله عنه- أنه قال: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلمه) وروي عن أنس أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (٤) فقال: هذه الفاكهة عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه وقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر (٥) وهذا محمول على أنه إنما أراد استكشاف علم كيفية الأب وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل لقوله تعالى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} (٦) {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} (٧) {وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} (٨) {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} (٩) {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (١٠)

* * *


(١) سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٥٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٣٣).
(٢) سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٥٢)، سنن أبو داود العلم (٣٦٥٢).
(٣) راجع جامع الأصول لابن الأثير (/ ٣).
(٤) سورة عبس الآية ٣١
(٥) راجع تفسير ابن كثير (١/ ٥).
(٦) سورة عبس الآية ٢٧
(٧) سورة عبس الآية ٢٨
(٨) سورة عبس الآية ٢٩
(٩) سورة عبس الآية ٣٠
(١٠) سورة عبس الآية ٣١