للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: «من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة (١)». يعني ريحها.

٢ - أن يريد بالعبادة وجه الله والدنيا معا، كمن يحج لوجه الله وللتجارة، وكمن يقاتل ابتغاء وجه الله وللدنيا، وكمن يصوم لوجه الله وللعلاج، وكمن يتوضأ للصلاة وللتبرد، وكمن يطلب العلم لوجه الله وللوظيفة، فهذا الأقرب أنه مباح؛ لأن الوعيد إنما ورد في حق من طلب بالعبادة الدنيا وحدها، ولأن الله رتب على كثير من العبادات منافع دنيوية عاجلة، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (٢) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (٣) [الطلاق:٢، ٣)، وكما في قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} (٤) {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (٥) {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (٦) [نوح:١٠ - ١٢]، والنصوص في هذا


(١) رواه أحمد ٢/ ٣٣٨، وأبو داود (٣٦٦٤)، وابن حبان (٧٨) بإسناد حسن إن شاء الله، رجاله رجال الصحيحين، وله شواهد بنحوه هو بها صحيح، وقد ذكرتها في رسالة النية في تخريج هذا الحديث تحت رقم (٣٣)، وله شواهد أخرى كثيرة في تحريم طلب الدنيا بالعمل الصالح، ذكرتها في المرجع نفسه برقم (٣١، ٣٢، ٣٥، ٤٢). وتفسير العرف بالريح هو من تفسير بعض رواة الحديث، وفي حديث عبد الله بن عمرو في صحيح البخاري (٦٩١٤): ((وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما))
(٢) سورة الطلاق الآية ٢
(٣) سورة الطلاق الآية ٣
(٤) سورة نوح الآية ١٠
(٥) سورة نوح الآية ١١
(٦) سورة نوح الآية ١٢