المعاقدات والمشاركات المحتاج إليها في سفر الحج، وإيتاء المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه، ويحتاج مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر، فهذه خصال البر، فمن حج من غير إقام الصلاة، لا سيما إن كان حجه تطوعا كان بمنزلة من سعى في ربح درهم وضيع رأس ماله، وهو ألوف كثيرة) (١).
وقد كان السلف -رحمهم الله- يواظبون على فعل الطاعات ونوافل القربات في حجهم، ويستثمرون ساعاته ويعمرون أيامه بالأعمال الصالحة، كانوا حريصين على قيام الليل، وتلاوة القرآن وأنواع الذكر، على العكس من حال بعض الحجاج الآن -هدانا الله وإياهم- الذين شغلوا بالقيل والقال والخوض في أعراض الناس والمجادلة بالباطل، مع كثرة اللهو واللعب والمزاح، وقد يتعدى الأمر بهم إلى السب والشتم وفعل ما لا يليق بالمسلم، خصوصا في تلك المشاعر المقدسة وفي أجل القربات وأفضل الطاعات الحج.
كان مسروق -رحمه الله- يكثر من السجود والإطالة فيه، لعلمه أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، كما ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكان محمد بن واسع يكثر من نوافل الصلوات، وإذا ركب راحلته أومأ إيماء، ويأمر حاديه أن يرفع صوته