كتاب مجلة البحوث الإسلامية

مع السلف الصالح في الحج - المبحث السابع عنايتهم بمعرفة السنة وتأدبهم في تعلمها - ج: 69 - ص: 310

من خالفها، وإن كان هو المخطئ وهي المصيبة، ومع ذلك لم تعنفه ولم تتهمه بالقصور، أو الجهل أو نحو ذلك، بل دعت له بالمغفرة لما وقع فيه من خطأ واضح، ثم بينت الصواب، وكون ابن عمر ما قال: لا أو نعم، بل سكت، قال العلماء: هذا يدق على أنه اشتبه عليه، أو نسي، أو شك، ولهذا سكت رضي الله عنه لما بينت عائشة الصواب في ذلك، ولم يراجعها بالكلام، لأن في ذلك جدلا عقيما، وشقاقا ومنازعة لا فائدة منها (١)، وهكذا يجب على المسلم أن يقبل الحق ويترك ما كان عليه من خطأ، فالحكمة ضالة المؤمن، متى وجدها فهو أحق بها، ولا يجادل بالباطل، أو يماري بغير حق.

الوقفة الرابعة: ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة، إلا التي مع حجته، عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته (٢)»، فقد

---

(١) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم ٨/ ٢٣٥، فتح الباري ٣/ ٦٠٢.
(٢) رواه البخاري في صحيحه -كتاب العمرة- باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ٣/ ٦٠٠ برقم ١٧٧٨ - ١٧٨٠، ورواه مسلم في صحيحه -كتاب الحج- باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن ٨/ ٢٣٤ - ٢٣٥ واللفظ له.