للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحج، فجاء ابن عمر رضي الله عنه وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس، فصاح عند سرادق الحجاج، فخرج وعليه ملحفة معصفرة، فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح إن كنت تريد السنة، فقال: هذه الساعة؟ قال: نعم، قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت -القائل هو سالم - فجعل ينظر إلى عبد الله، فلما رأى ذلك عبد الله، قال: صدق) (١).

اشتملت هذه الحادثة على الأحكام والفوائد التالية:

أولا: في أمر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أميره الحجاج بن يوسف الثقفي أن يأخذ بقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في مناسك الحج وألا يخالفه، احترام العلماء من قبل العامة والخاصة، وتقديرهم وقبول قولهم في الأحكام، يقول الحافظ ابن حجر: (وأن الأمير يعمل في الدين بقول أهل العلم، ويصير إلى رأيهم) (٢)، ثم إن الواجب على العلماء النصح والإرشاد، والصدق والإخلاص في ذلك قولا وعملا.

ثانيا: سنة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة، أنه حين


(١) رواه البخاري في صحيحه -كتاب الحج- باب التهجير بالرواح يوم عرفة ٣/ ٥١١ برقم ١٦٦٠.
(٢) فتح الباري ٣/ ٥١٢.