للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرما؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية كان نازلا خارج الحرم، فإذا أراد أن يصلي دخل الحرم أي صلى داخل الأميال»، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض، لم يحرمها الناس فهي حرام بتحريم الله لها (١)»، فجعل الحرم عموما حرام سفك الدم فيه، وعضد شجره، والتقاط لقطته لم يخصصه بالمسجد الحرام، وإنما علقه بعموم الحرم، وقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (٢)» يشمل جميع الحرم؛ لأن الله يقول: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٣) وهو أسري به من بيته، ومن الأدلة أيضا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (٤) الآية، ومعلوم أن الكافر لا يجوز إدخاله الحرم كله، وليس هذا الحكم مختصا بمسجد الكعبة. فجميع الحرم فيه الفضل، ولا يختص بذات المسجد، وإن كان الإنسان يرى في نفسه أن قربه ومشاهدة الكعبة أولى من غيره، وأنه إذا صلى في المسجد الحرام وشاهد الكعبة يرى لهذا في نفسه شأنا ليس كما إذا صلى في سائر مساجد مكة، لكن مع هذا كله نقول: إن الصحيح أن جميع الحرم تضاعف فيه الصلاة، ويدخل


(١) صحيح البخاري الجزية (٣١٨٩)، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣)، سنن النسائي مناسك الحج (٢٨٩٢)، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٥٩).
(٢) صحيح البخاري الجمعة (١١٩٠)، صحيح مسلم الحج (١٣٩٤)، سنن الترمذي الصلاة (٣٢٥)، سنن النسائي المساجد (٦٩٤)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٤٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٧٧)، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٦١).
(٣) سورة الإسراء الآية ١
(٤) سورة التوبة الآية ٢٨