للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكي تأويل ثالث: أنه محمول على المجاز والمبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها لا قبله كما يقال: الجواب يعطى قبل السؤال. أي يعطى سريعا عقب السؤال من غير توقف (١) ".

وقيل: إن ذلك في الأمانة والوديعة ليتيم لا يعلم مكانها غيره فيخبر بما علم من ذلك (٢).

وعندي أن هذا القول ليس قولا مستقلا وإنما هو جزئية من مفهوم تأويل النووي الأول. لكن روي ما يدل على ذم الشهادة قبل السؤال وهو ما روى مسلم وأحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم، - والله أعلم أذكر الثالث أم لا - قال: ثم يخلف قوم يحبون السمانة (٤)».، فإنه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من يؤدون الشهادة قبل أن تطلب منهم، وهو أمر مكروه ما لم تدع الحاجة إليه خشية فوات أو ضياع الحق.

قال النووي: قال العلماء: (الجمع بينهما أن الذم في ذلك لمن بادر بالشهادة في حق لآدمي هو عالم بها قبل أن يسألها صاحبها، وأما المدح فهو لمن كانت عنده شهادة لآدمي ولا يعلم بها صاحبها فيخبره بها ليستشهده بها عند القاضي إن أراد. ويلحق به من كانت عنده شهادة حسبة، وهي الشهادة بحقوق الله تعالى فيأتي القاضي ويشهد بها بدون أن يطلب منه ذلك، وهذا ممدوح إلا إذا كانت الشهادة بحد ورأى


(١) صحيح مسلم جـ٣ ص١٣٤٤، صحيح مسلم بشرح النووي جـ١٢ ص١٧.
(٢) نيل الأوطار مع المنتقى جـ٧ ص٣٣٤.
(٣) رواه البخاري ومسلم وانظر: صحيح مسلم جـ٤ ص١٩٦٤ واللفظ له
(٤) (٣) يشهدون قبل أن يستشهدوا