للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: يرى بعضكم بعضا، وتأتون في ناديكم المنكر؟ {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (١) أي: لا تعرفون شيئا لا طبعا ولا شرعا. . . (٢)

قال ابن سعدي: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} (٣) أي: الفعلة الشنعاء، التي تستفحشها العقول والفطر، وتستقبحها الشرائع {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (٤) ذلك، وتعملون قبحه، فعاندتم، وارتكبتم ذلك، ظلما منكم، وجرأة على الله.

ثم فسر تلك الفاحشة فقال: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} (٥) أي: كيف توصلتم إلى هذه الحال، فصارت شهوتكم للرجال، وأدبارهم، محل الغائط والنجو، والخبث، وتركتم ما خلق الله لكم من النساء من المحال الطيبة، التي جبلت النفوس على الميل إليها. وأنتم انقلب عليكم الأمر، فاستحسنتم القبيح، واستقبحتم الحسن. {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (٦) متجاوزون لحدود الله، متجرئون على محارمه. . . (٧) هذا النجس وهذه النجاسة، وهذا الخبث وهذه الخبائث؛ لا تصدر إلا من الجهلاء الأنجاس، العادون، الذين قد مسخت فطرهم، فأصبح الحق عندهم باطلا، والباطل حقا، وأصبحت الرذيلة عندهم فضيلة، والفضيلة رذيلة، والطهر نجسا،


(١) سورة النمل الآية ٥٥
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٢٠٩.
(٣) سورة النمل الآية ٥٤
(٤) سورة النمل الآية ٥٤
(٥) سورة النمل الآية ٥٥
(٦) سورة النمل الآية ٥٥
(٧) تيسير الكريم الرحمن ج ٥ ص ٥٨٧.