للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنجاءهم، لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك. ولهذا قال: {وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ} (١) فكان هذا ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحا - عليه السلام (٢).

قال القرطبي: أي: أنهاك عن هذا السؤال، وأحذرك لئلا تكون، أو كراهية أن تكون من الجاهلين؛ أي الآثمين. . قال ابن العربي: وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحا عن مقام الجاهلين، ويعليه بها إلى مقام العلماء والعارفين (٣).

لا شك أن جميع أنبياء الله من العالمين والعارفين والمؤمنين، وليس أحد منهم من الجاهلين، لكن نوحا عليه السلام وعظه الله أن تأخذه عاطفة الأبوة والقرابة، وتقديمها على رابطة العقيدة والدين، وهي أقوى من الأولى، ونوح عليه السلام لم يفعل ذلك، لكنه فهم من الآية الأخرى أن الله سينجي أهله جميعهم، وابنه على هذا الاعتبار من أهله، ثم تبرأ نوح من أن يسأل الله ما ليس له به علم، وهذا غاية في العلم والعبودية.


(١) سورة المؤمنون الآية ٢٧
(٢) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٢٥٨، ٢٥٩.
(٣) تفسير القرطبي ج ٩ ص ٤٨.