للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} (١) {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (٢).

قال القرطبي: {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} (٣) أي: إن لم تلطف بي في اجتناب المعصية وقعت فيها {وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (٤) أي: ممن يرتكب الإثم ويستحق الذم، أو ممن يعمل عمل الجهال؛ ودل هذا على أن أحدا لا يمتنع عن معصية الله إلا بعون الله، ودل أيضا على قبح الجهل والذم لصاحبه (٥).

وقال ابن كثير: وذلك يوسف - عليه السلام - عصمه الله عصمة عظيمة، وحماه فامتنع منها أشد الامتناع، واختار السجن على ذلك، وهذا في غاية مقامات الكمال أنه مع شبابه وجماله وكماله تدعوه سيدته، وهي امرأة عزيز مصر، وهي مع هذا في غاية الجمال والمال والرياسة، ويمتنع من ذلك، ويختار السجن على ذلك، خوفا من الله ورجاء ثوابه. ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه


(١) سورة يوسف الآية ٣٢
(٢) سورة يوسف الآية ٣٣
(٣) سورة يوسف الآية ٣٣
(٤) سورة يوسف الآية ٣٣
(٥) تفسير القرطبي ج ٩ ص ١٨٥.