للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو عدم العلم بالحق؛ فالشقاء والكفر ينشأ من عدم معرفة الحق تارة؛ ومن عدم إرادته والعمل به أخرى فكفر اليهود نشأ من عدم إرادة الحق والعمل به وإيثار غيره عليه بعد معرفته. فلم يكن ضلالا محضا. وكفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه. . . ثم لما كان الهدى والفلاح والسعادة لا سبيل إلى نيله إلا بمعرفة الحق وإيثاره على غيره وكان الجهل يمنع العبد من معرفته بالحق. والبغي يمنعه من إرادته كان العبد أحوج شيء إلى أن يسأل الله تعالى كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم تعريفا وبيانا وإرشادا وإلهاما وتوفيقا وإعانة؛ فيعلمه ويعرفه ثم يجعله مريدا له قاصدا لاتباعه، فيخرج بذلك عن طريقة المغضوب عليهم الذين عدلوا عنه على عمد وعلم، والضالين الذين عدلوا عنه عن جهل وضلال، وكان السلف يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى. . . فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم؛ صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين، آمين إنه قريب مجيب (١)


(١) بدائع الفوائد لابن القيم ج٢ص٣٢ دار الكتاب العربي.