للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال القرطبي: شهدنا أي من قول بني آدم، والمعنى شهدنا أنك ربنا وإلهنا. . . {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} (١) بمعنى لست تفعل هذا ولا عذر للمقلد في التوحيد (٢).

قال ابن القيم: إنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليهم بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٣) أي فكيف يصرفون عن التوحيد بعد هذا الإقرار منهم أن الله ربهم وخالقهم، وهذا كثير في القرآن، روى مسلم من حديث عائشة قالت: «يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين؟ فهل ينفعه؟ قال: لا ينفعه، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين (٤)» (٥).

وروى مسلم في صحيحه: عن أنس «أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار قال: فلما قفى الرجل دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار (٦)».

فيتضح من الأحاديث السابقة أن جهل من مضى قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد، لم يكن عذرا لهم سواء في الحكم عليهم في الدنيا بظاهر أمرهم، أو في حقيقة أمرهم عند الله


(١) سورة الأعراف الآية ١٧٣
(٢) تفسير القرطبىج٧ص٣١٨.
(٣) سورة الزخرف الآية ٨٧
(٤) صحيح مسلم الإيمان (٢١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٩٣).
(٥) عقيدة الموحدين ص٣٢٧ - ٣٣١.
(٦) صحيح مسلم الإيمان (٢٠٣)، سنن أبو داود السنة (٤٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٦٨).