للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كناب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتى أحوج شيء إلى تأمله والتفقه فيه).

قلت: وفي هذا ما يدل على أن الكتاب قد روي عن طريق الوجادة، حيث تلقاه إدريس عن أبي بردة قراءة لا حفظا فقط، وهذه وجادة جيدة في قوة الإسناد الصحيح، فالقراءة من الكتاب أوثق من التلقي عن الحفظ، قال ابن حجر - عند الكلام على سندي الكتاب - (لكن اختلاف المخرج فيهما، مما يقوى الرسالة: لا سيما وفي بعض طرقه أن راويه الرسالة مكتوبة) (١).

وبهذا ينتفى القول بانقطاع سند الكتاب، وعلى هذا - أيضا - فلا وجه لما طعن به ابن حزم عليه، وقد حمل ابن حزم على هذا الكتاب، لكون ما جاء فيه لا يتمشى مع أصول الظاهرية، نفاة القياس، ولذا فالعلماء لم يعولوا على طعن ابن حزم في هذا كما مر بنا في كلام ابن سهل المالكي، وكلام ابن القيم الحنبلي.

٢ - وطعنوا في سند الكتاب بما جاء في بعض رواياته من أن عمر أرسله إلى أبي موسى وهو على قضاء الكوفة، كما جاء في مقدمة ابن خلدون، إذ يقول (وولى أبا موسى الأشعري الكوفة، وكتب له في ذلك الكتاب المشهور الذي تدور عليه أحكام القضاء، وهي مستوفاة فيه ثم ذكر الكتاب) (٢). قالوا: والحال أن أبا موسى لم يتول قضاءها لعمر، وإنما وليها في زمن عثمان، قالوا: فمن هذه الوجهة يمكننا أن نرجح ما قاله ابن حزم في هذه الرسالة (٣) وفي هذا الصدد يقول الدكتور علي حسن عبد القادر (إن أبا موسى لم يل القضاء لعمر، وإنما ولي له إمرة البصرة، وقضى لعمر بالبصرة كعب بن سور) (٤).

ونقول - ردا على ذلك - لقد ثبت في التاريخ أن أبا موسى ولي الكوفة لعمر حوالي سنة واحدة، ففي تاريخ الطبري (ت ٣١٠هـ) الذي يعني خاصة


(١) تلخيص الحبير (٤/ ١٩٦).
(٢) مقدمة ابن خلدون ص: ٢٢١
(٣) تاريخ القضاء في الإسلام ص: ١٥ لابن عرنوس.
(٤) نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ص: ٧٤