دل عليه ولا شر إلا حذر منه. تركنا على المحجة البيضاء، نقية صافية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الذين تلقوا القرآن من فيه غضا وواظبوا على قراءته تلاوة وعرضا، حتى أدوه إلينا خالصا محضا. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فإن من تكريم الله للعبد أن يجعله من حملة كتابه التالين له العاملين به القائمين عليه المحافظين لحدوده قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}(١). فقرأة القرآن حملة سر الله المكنون، وحفظة علمه المخزون وخلفاء أنبيائه، وهم أهله وخاصته، وخيرته وأصفياؤه، فالخير كل الخير في تعلمه والعمل به، والشر كل الشر في هجره والابتعاد عنه وترك العمل بما فيه، من استظل بظله فهو من الله في حمى، ومن أعرض عنه فهو في غي وعمى ولقد أحسن من قال:
إن العلوم وإن جلت محاسنها ... فتاجها ما به الإيمان قد وجبا
هو الكتاب العزيز الله يحفظه ... وبعد ذلك علم فرج الكربا
فذاك فاعلم حديث المصطفى فبه ... نور النبوة سن الشرع والأدبا
وبعد هذا علوم لا انتهاء لها ... فاختر لنفسك يا من آثر الطلبا