قال النويري: أما إذا كان مستورا - أي المقرئ - فهو ظاهر العدالة ولم تعرف عدالته الباطنة فيحتمل أنه يضره كالشهادة، والظاهر أنه لا يضره؛ لأن العدالة الباطنة تعسر معرفتها على غير الحكام، ففي اشتراطها حرج على الطلبة والعوام (١). قلت: والذي ذهب إليه النويري في شأن المقرئ هو الحق فلا يعدل عن القراءة على المقرئين الضابطين العدول في الظاهر بسبب عدم معرفة عدالتهم باطنا فذلك أمره إلى الله، فكما قيل: نحن علينا بالظاهر والله يتولى السرائر.
وقد اشترط العلماء شروطا وصفات متى ما توفرت في المقرئ وجب الأخذ والتلقي عنه، ومتى ما تباعد عنها أو عن شيء منها وجب الحذر منه ومن التلقي عنه.
من تلك الصفات: سلامة معتقده، واتباعه السنة، وإخلاص النية فيما يعلم، وتمكنه مما يقرئ به وضبطه له ومعرفته بعلوم القرآن وتجويده، وأن يكون على دراية باللغة والنحو وما يقوم به لسانه، وأن لا يقرئ إلا بما قرأ وتلقى بالأسانيد المتصلة، وأن يكون على معرفة بحال الرواة والنقلة.
كما اشترطوا في صفاته الخلقية: التواضع والصبر والحلم والأناة،