وليجلس على رجليه ولا يقابله بعينيه بل يطأطئ رأسه ويشتغل بما هو بصدده، ولا يرفع صوته عليه ولا يتعنته في السؤال فإن علم أنه يعلم ما يسأله عنه فلا بأس بذلك، ولا يذكرن غيره ممن يعانده بين يديه ولا يذكرن أحدا إلا بخير، ويشتغل بالتعليم والتعلم والتوفير والتفهيم ليضع الله له البركة فيما علم وإن قل ولا يطلبن على شيخه الزلل، وليكن القارئ فطنا والأولى به أن لا يختلف إلى غير من قرأ عليه تبجيلا لا وجوبا ومن لم يعظم أستاذه لم ينتفع بعلمه. روي عن قالون أنه قال: ما علمت أني تناومت بين يدي نافع قط إلا يوما واحدا؛ لأني رأيته كالناعس فظننت أنه لا يسمع ما أقرأ فتناعست فانتهرني فتبت على يديه ولم أعد إلى ذلك.
قال اليزيدي: ولقد صحبت أبا عمرو ثمان عشرة سنة ما أكلت بين يديه لقمة قط (١).
قال النووي: ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته، واعتقاد كماله، ويتأول لأقواله وأفعاله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه، وإذا جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وأنقى لقلب الشيخ.