للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسمائه وصفاته وآياته المشاهدة من سماء وأرض وجبال وبحار وأنهار وغير ذلك، من مخلوقاته عز وجل. ومن جملة ذلك نفس الإنسان فإنها من آيات الله الدالة على قدرته وعظمته وكمال علمه وحكمته.

كما قال عز وجل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (١)، وقال تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (٢) {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (٣) أما كنه ذاته وكيفيتها وكيفية صفاته فذلك من علم الغيب الذي لم يطلعنا عليه فالواجب علينا فيه الإيمان والتسليم وعدم الخوض في ذلك ما وسع ذلك سلفنا الصالح من الصحابة - رضي الله عنهم - وأتباعهم بإحسان، فإنهم لم يخوضوا في ذلك ولم يسألوا عنه بل آمنوا بالله سبحانه وبما أخبر به عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يزيدوا على ذلك مع إيمانهم بأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وعلى كل من وجد شيئا من هذه الوساوس، أو ألقي إليه شيء منها أن يستعظمها وينكرها من أعماق قلبه إنكارا شديدا، وأن يقول: آمنت بالله ورسله، وأن يستعيذ بالله من نزغات الشيطان وأن ينتهي عنها ويطرحها كما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك في الأحاديث السابقة، وأخبر أن استعظامها وإنكارها هو صريح الإيمان وعليه أن لا يتمادى مع السائلين في هذا الباب؛ لأن ذلك قد يفضي إلى شر كثير وإلى شكوك لا تنتهي، فأحسن علاج للقضاء على ذلك والسلامة منه هو امتثال ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - والتمسك به والتعويل عليه وعدم الخوض في ذلك وهذا هو الموافق لقوله الله عز وجل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٤).

فالاستعاذة بالله سبحانه واللجوء إليه وعدم الخوض فيما أحدثه الموسوسون وأرباب الكلام الباطل من الفلاسفة ومن سلك سبيلهم في الخوض في باب أسماء الله وصفاته وما استأثر الله بعلمه من غير حجة ولا برهان هو سبيل أهل


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٠
(٢) سورة الذاريات الآية ٢٠
(٣) سورة الذاريات الآية ٢١
(٤) سورة فصلت الآية ٣٦