للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مسجدنا بدعة.

فإذا علمت ما ذكر فلا شك أن فعل ذلك في المسجد الحرام أعظم تحريما وأشد منعا؛ لعظم حرمة ذلك المسجد، وقد صرحت الأدلة أن المعاصي في الأيام المعظمة والأمكنة المعظمة تغلظ معصيتها وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان، قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (١).

قال ابن الحاج في (المدخل): ليس للإنسان في المسجد إلا موضع قيامه وسجوده وجلوسه، وما زاد على ذلك فلسائر المسلمين، فإذا بسط لنفسه شيئا ليصلي عليه احتاج لأجل توسعة ثوبه شيئا كبيرا؛ ليعم ثوبه على سجادته. فيكون في سجادته اتساع خارج، فيمسك بسبب ذلك موضع رجلين أو نحوهما إن سلم من الكبر من أنه لا ينضم إلى سجادته أحد، فإن لم يسلم من ذلك وولى الناس عنه وتباعدوا منه، هيبة لكمه وثوبه وتركهم هو ولم يأمرهم بالقرب إليه فيمسك ما هو أكبر من ذلك، فيكون غاصبا لذلك القدر من المسجد، فيقع بسبب ذلك في المحرم المتفق عليه والمنصوص عن صاحب الشريعة حيث قال: «من غصب شبرا من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة (٢)» وذلك الموضع الذي أمسكه بسبب قماشه وسجادته ليس للمسلمين به حاجة في الغالب


(١) سورة الحج الآية ٢٥
(٢) صحيح البخاري بدء الخلق (٣١٩٨)، صحيح مسلم المساقاة (١٦١٠)، سنن الترمذي الديات (١٤١٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٩٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٦٠٦).