للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصناعية بتكتلاتها الاحتكارية على تخفيض أثمان المواد الأولية، غير مكترثين بالأضرار الفادحة التي تصيب الجانب الأكبر من سكان الأرض، وغير حافلة بالجهود التي تبذلها منظمات هيئة الأمم المتحدة في محاولة قمع هذا الاتجاه.

وبعد فهذه بعض الأضرار التي أصابت البشرية كلها من إجازة الفائدة الربوية على القروض الإنتاجية، حتى رأينا بعض علماء الاقتصاد - وفي الدول الرأسمالية بالذات - يندد بالفائدة في الاقتصاد الرأسمالي، وهذا تصديق قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} (٢). اهـ.

٢ - التفريق بين حساب الودائع والحساب الجاري من حيث احتفاظ كل دفعة من أي طرف في الحساب العادي أو البسيط أو حساب الودائع بكيانها واستقلالها وبالتالي خضوعها للآثار الحقوقية من حيث المطالبة بها والمقاصة عليها بخلاف ذلك في الحساب الجاري فإن كل دفعة من أي طرفيه تفقد كيانها واستقلالها وتخضع للانصهار في كليته لتكون بندا من بنوده لا تجوز المطالبة بها ولا المقاصة عليها ولا اعتبارها حقا قائما بذاته وإنما هي جزء من كل لا يتجزأ هو جانبا الحساب الجاري الدائنية والمديونية.

وقد مر بنا محاولة تعليل هذا التقعيد للحساب الجاري فمن قائل: بأن انصهار المدفوعات في الحساب الجاري وعدم اعتبار أي دفعة منها دينا قائما بذاته يعني بذلك التجديد، ومن قائل: بأن المقاصة بين المديونية والدائنية هي التي قضت على كل دفعة فيه، واتجه النقد إلى كلا التعليلين، ثم قيل: بأن العرف المصرفي وقواعد الحساب الجاري قضيا بذلك سواء وجد تعليل يسنده المنطق أو لم يوجد.

هذه المسألة تحتاج إلى كثير من النظر والتأمل، وعلى افتراض وجاهة التقعيد لها في الحساب الجاري فيمكن أن يقال: بأن المصلحة تعتبر سندا لتلك القاعدة باعتبار


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٩