هذا والذهاب إلى انقسام البدع والمحدثات إلى حسن وقبيح، أخذا من قول عمر في صلاة التراويح: نعمت البدعة هذه، واستدلالا بما حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال مما استحسن ولم يستكره أخذا من الأدلة الدالة عليه من الإجماع والقياس - الذهاب إلى ذلك مدفوع بإطلاق نص رسول الله صلى الله عليه وسلم «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (١)» فلا يحل لأحد أن يقيد إطلاق دلالة هذا النص، والمنازع في ذلك مراغم، على أنه يقال: ما ثبت حسنه فليس من البدع، فيبقى العموم محفوظا لا خصوص فيه. أو يقال: ما ثبت حسنه: مخصوص من هذا العموم. فيبقى فيما عداه على عمومه. والمخصص إنما هو الدليل الشرعي من الكتاب والسنة والإجماع نصا واستنباطا، لا عادات بعض البلاد ولا الأقوال ولا الآراء مهما كثر أصحابها، فإن شيئا من ذلك لا ينهض أبدا، ولا يصلح معارضا لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فتخصيص يوم من الأيام وتمييزه على غيره بشيء من الطاعات أمر توقيفي إنما يصار في معرفته إلى الشريعة المطهرة، ولم تخصص الشريعة يوما من الأيام باتخاذه عيدا للإسلام، سوى يومي العيدين، عيد الفطر وعيد النحر وما يتبعه من أيام التشريق
(١) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).