ما تعارف عليه الناس، قال ابن القيم (١): (ولا حجر في الاصطلاح ما لم يتضمن حمل كلام الله ورسوله عليه، فيقع بذلك الغلط في فهم النصوص وحملها على غير مراد المتكلم منها، وقد حصل للمتأخرين أغلاط شديدة في فهم النصوص) وهذا أيضا يقال في اصطلاحات الفقهاء فلا يجوز تفسيرها بناء على ما تعارف الناس عليه، فيقع الخطأ في فهم مرادهم، بل يجب معرفة معنى الاصطلاح لديهم، ثم نقل الأحكام عنهم بناء على ذلك.
وعليه: فقد حاولت في هذا البحث ضبط المراد بصفة المالية بالتحديد عند الفقهاء، حين يصفون شيئا بأنه مال، أو يعلقون حكما على المالية، (كقولهم: المعاملات المالية، أو: العقوبات المالية، أو: العبادات المالية، أو: التصرفات المالية، أو: الحقوق المالية، أو: المؤن المالية، أو المعاوضات، أو العقود. . . . . . . إلخ).
وذلك بتتبع آرائهم ورصدها، مع بيان مواضع الاتفاق والاختلاف في هذا السبيل، وقدمت بين يدي ذلك بفصل تمهيدي عرفت فيه بالمال في اللغة، وعلى ألسن الفقهاء، وبينت ضوابط اكتساب المال، وضوابط تنميته في الشريعة، وقد حرصت على التوثيق من المصادر الأصيلة في هذا كله.