للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه والقرون المفضلة، ثم غير الناس بعد ذلك، وبنوا على القبور وجصصوها وفرشوها تقليدا لليهود والنصارى إلا من رحم الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن (١)» متفق على صحته. والمعنى فمن المعنى إلا أولئك؟ فلهذا وقع ما وقع، قلدوا اليهود والنصارى بالبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب وفرشها حتى حدث الغلو فيها، وحتى عبدها الناس من دون الله وطافوا بها وطلبوا منها المدد من دون الله فوقع الشرك من الأكثرين.

وكثر من العامة الذين لا بصيرة لهم يدعونها ويطلبون منها المدد والغوث وشفاء المرض والنصر على الأعداء، وهذا هو الشرك بالله جل وعلا. قال تعالى في سورة فاطر: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (٢) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (٣) وهو ما وقع


(١) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء) باب ما ذكر عن بني إسرائيل برقم ٣٤٥٦، ومسلم في (العلم) باب اتباع سنن اليهود والنصارى برقم ٢٦٦٩، وهو بهذا اللفظ في تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٩٠.
(٢) سورة فاطر الآية ١٣
(٣) سورة فاطر الآية ١٤