للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعلوا الميت فيه بعد ذلك، وهي بدعة جديدة لا أساس لها، وكذلك التلقين، تلقين الميت بعد إنزاله في القبر ودفنه بقولهم: يا فلان ابن فلانة، فإن لم تعرف أمه قالوا: يا فلان ابن حواء، اذكر ما كنت عليه في الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، إلى أخره. وهذا لا أصل له، والأخبار فيه موضوعة لا أساس لها، وإنما فعلها بعض أهل الشام بعد انقراض القرن الأول، وليس في قول أحد أو فعله حجة فيما يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنما المشروع الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا فرغ الناس من دفن الميت أن يدعى له بالتثبيت والمغفرة، والسنة للمشيعين ألا يعجلوا بالانصراف حتى يفرغ من دفن الميت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معها حتى يصلى عليها، وحتى يفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل جبل أحد (١)». يعني من الأجر، فدل على أن المشيع يبقى مع الجنازة حتى يفرغ من دفنها، وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل (٢)».

هذه هي السنة، ولم يكن يلقنه، فالتلقين يكون قبل الموت ما دام


(١) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (١٠٠١٨)، والبخاري في (الإيمان) برقم (٤٧).
(٢) رواه أبو داود في (الجنائز) برقم (٣٢٢١).