"والمشادة- بالتشديد- المغالبة، يقال: شاده يشاده مشادة إذا قاواه، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب، قال ابن المنير: إن هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الكمال والأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل" اهـ.
والسداد هو التوسط وطلب الصواب من غير غلو أو تقصير، وعليه دلالة اللغة.
قال ابن رجب في هذا الحديث:"فإن شدة السير والاجتهاد مظنة السآمة والانقطاع، والقصد أقرب إلى الدوام، ولهذا جعل عاقبة القصد البلوغ؛ كما قال: من أدلج بلغ المنزل".
ومنه حديث أنس مرفوعا: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا (١)».
٦ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها
(١) البخاري في كتاب العلم، باب ما كان رسول الله عليه السلام يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، ومسلم في كتاب الجهاد، باب الأمر بالتيسير وترك التنفير رقم ١٧٣٤، وانظر: الفتح ١/ ١٣٧ - ١٩٦.