للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن الحركة والزمان لا بداية لهما ولا نهاية (١).

وإذا ما انتقلنا إلى الفلسفة الإسلامية، نجد أن بعض الفلاسفة المسلمين قد تأثروا بالفلسفة اليونانية، بينما حافظ الآخرون على هويتهم الإسلامية. فأبو العلاء المعري من الفريق الأول، يقول بأن الزمن أزلي أبدي، أي لا بداية لوجوده ولا نهاية، ونجد ذلك ماثلا في أشعاره، فهو يقول:

نزول كما زال أجدادنا ... ويبقى الزمان على ما نرى

نهار يضيء وليل يجيء ... ونجم يغور ونجم يرى (٢)

بينما رفض الفريق الثاني من الفلاسفة المسلمين الانجرار وراء هذه الأقاويل، ووافقوا جمهور المسلمين في القول بحدوث الزمن ومخلوقيته، كما هو الأمر عند الغزالي والكندي وغيرهما (٣).

وعند إلقاء نظرة على أقوال الفلاسفة بشكل عام يتضح أن نظرتهم إلى الزمن هي نظرة عقلية تجريدية، خاضعة إلى نجاح العقل وفشله، وإلى إبداعه وتقصيره، مما جعلهم يدخلون في متاهات عديدة، ويضطربون في أقوالهم على غير هدى، فيصيبون حينا


(١) انظر: الألوسي، حسام الدين: "الزمان في الفكر الديني والفلسفي القديم" مجلة عالم الفكر، ص ٤٧٦.
(٢) المعري، أبو العلاء: اللزوميات، ص ٧٩.
(٣) انظر: الغزالي: تهافت الفلاسفة، ص ٥٦. الطباع، عمر: الكندي فيلسوف العرب والإسلام، ص ١٩٣.