للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو الزمن كله، وصرح ابن القيم بأن ذلك هو قول المفسرين (١). وهذا المعنى معروف في شعر العرب، ومنه قول العجاج:

والعصر قبل هذه العصور ... مجرسات غرة الغرير (٢)

ثم إن لفظ (العصر) عام، وليس هناك ما يخصص ما شمله هذا الاسم من المعاني، فإذا قلت بأنه الزمن؛ فذلك يشمل صلاة العصر ووقتها، وعصر الرسول والرسالة، وطرفي النهار، فيكون القسم به على عمومه داخل فيه هذه الأمور، فالأولى إذا حمل اللفظ على عمومه.

وعلى هذا يكون سر قسمه سبحانه بالعصر أو الزمن، نابع من العبرة والآية في هذا الزمن، والمتمثلة في مرور الليل والنهار، وتعاقبهما، على هذا الترتيب الدقيق، والنظام المحكم، واعتدالهما تارة، وأخذ أحدهما من صاحبه تارة أخرى، واختلافهما في الضوء والظلام، والحر والبرد، وانتشار الحيوان وسكونه، ثم إن انقسام الزمن إلى القرون والسنين والأشهر والأيام والساعات ودونها، آية من آيات الله تعالى، وبرهان من براهين قدرته وحكمته (٣).


(١) ابن القيم: التبيان في أقسام القرآن، ص ١١٤.
(٢) العجاج: ديوان العجاج، ص ٢٢٣. مجرسات: مجربات. انظر: تحقيق عزة حسن لديوان العجاج، ص ٢٢٣.
(٣) انظر: ابن القيم: التبيان في أقسام القرآن، ص ١١٤، ١١٥.