للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنهار أولا: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} (١) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} (٢)، فما الحكمة من ذلك؟

يستحيل بأي حال أن يأتي حرف واحد في هذا الكتاب المعجز في غير موقعه اللائق به، وإنه ليلمس في هذا التقديم والتأخير لطيفة، هي من بدائع هذا القرآن العظيم، وهي: أن سورة الليل نزلت قبل سورة الشمس بمدة، حيث كان الكفر مخيما على الناس إلا القليل منهم، وكان الإسلام قد أخذ في التجلي، فناسب تلك الحالة، تمثيلها بحالة الليل حين يعقبه ظهور النهار (٣).

كما يلحظ في هذا الموضع، أن القسم بالليل في وقت غشيانه، جيء فيه بصيغة المضارع؛ وذلك لأنه يغشى شيئا فشيئا. أما النهار، فإنه جيء فيه بصيغة الماضي وذلك لأنه إذا طلعت الشمس ظهر وتجلى مرة واحدة (٤).


(١) سورة الشمس الآية ٣
(٢) سورة الشمس الآية ٤
(٣) ابن عاشور: التحرير والتنوير، ج ٣٥، ص ٣٦٧.
(٤) ابن القيم: التبيان في أقسام القرآن ص ٨١.