للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فساد في الأرض، قال تعالى عن الملائكة لما قال لهم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} (١)؛ فدل على أن سفك الدماء، واستباحة الدماء فساد في الأرض ينافي الإصلاح الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن حرمة الدماء أمر مقرر شرعا {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (٢)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما (٣)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام (٤)» أخرجه مسلم.

وقال تعالى في المحاربين: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٥) فتأمل أخي هذه الآية: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٦) ومحاربة الله ومحاربة رسوله تكون بالشرك، والكفر، والضلال، والبعد عن أحكام الله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (٧) هذا الفساد لم يفسر؛ وإنما كل ما خرج عن الصلاح والإصلاح فهو فساد {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} (٨)


(١) سورة البقرة الآية ٣٠
(٢) سورة النساء الآية ٩٣
(٣) صحيح البخاري الديات (٦٨٦٢)، مسند أحمد (٢/ ٩٤).
(٤) صحيح البخاري الحج (١٧٤١)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧٩)، مسند أحمد (٥/ ٤٩)، سنن الدارمي المناسك (١٩١٦).
(٥) سورة المائدة الآية ٣٣
(٦) سورة المائدة الآية ٣٣
(٧) سورة المائدة الآية ٣٣
(٨) سورة المائدة الآية ٣٣