ثم قتلهم الراعي الذي كان يسقيهم وسملوا عينيه؛ فالنبي دعا بهم، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمل أعينهم - كواها بالنار - وتركهم حتى ماتوا حسرة وندامة وعطشا.
هو صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق؛ خلقه الحلم والصفح والعفو، لكن الحلم في موضعه، والقوة في موضعها. فهذه فئة قتلوا نفرا واحدا، لكن قتل هذه النفس الواحدة تعدل عند الله قتل الجميع.
ثم سرقة هذه الإبل، وإن كانت إبلا، لكنه تدل على خبث أولئك، وأنهم يريدون أن يهددوا أمن الأمة، ويقوضوا أمنها واطمئنانها؛ فعوقبوا بتلك العقوبة الشنيعة؛ لأن أمن الأمة وسلامة أرواحها أمور مقررة شرعا.
وقال تعالى عن اليهود:{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(١)، فهم يفسدون في الأرض. بمؤامراتهم الدنيئة، وأخلاقهم الرذيلة، وما يحيكونه للعالم كله، ولا سيما الإسلام من مكائد ومكر وخداع، ولكن الله - جل وعلا - لهم بالمرصاد.
أيها الإخوة الفساد في الأرض - كما قلنا - ينبني على مخالفة الشرع والبعد عن الصلاح، وإن من أسباب صلاح الأمة وسلامتها