للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاملة جاءت بسد الذرائع المفضية إلى الفساد والفتن، وذلك من رحمة الله بعباده. وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء (١)»، متفق على صحته. فوجب بذلك سد الذرائع المفضية إلى الفتنة المذكورة.

ومن ذلك ما جاءت به الشريعة المطهرة من تحريم تبرج النساء، وخضوعهن بالقول للرجال، وخلوة المرأة بالرجل غير المحرم، وسفرها بلا محرم. وكل ذلك من باب سد الذرائع المفضية إلى الفتنة بهن. وقول بعض الفقهاء: إنه استثني من ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما قول بلا دليل. والصواب أن المنع يعم الجميع، يعم جميع القبور، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى قبر صاحبيه رضي الله عنهما. وهذا هو المعتمد من حيث الدليل.

وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور، وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام وقبر صاحبيه، لكن بدون شد الرحل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (٢)»، رواه مسلم في صحيحه. وأما شد الرحال لزيارة القبور فلا يجوز، وإنما يشرع


(١) رواه الإمام أحمد في (مسند الأنصار) برقم (٢١٣٢٢)، والبخاري في (النكاح) برقم ٥٠٩٦، ومسلم في (الذكر والدعاء والتوبة) برقم (٢٧٤٠، ٢٧٤١).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه في (الجنائز) باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه برقم (٩٧٦).