للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمثال ذلك مما لا يحصيه إلا الله مما هو أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية التي تورث علما يقينا من أبلغ العلوم الضرورية؛ أن الرسول المبلغ عن الله ألقى إلى أمته المدعوين أن الله سبحانه على العرش، وأنه فوق السماء، كما فطر الله على ذلك جميع الأمم عربهم وعجمهم في الجاهلية والإسلام إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته، ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوفا إلخ) ا. هـ.

وبما ذكرناه يتضح للقراء أن ما نسبه أحمد محمود دهلوب إلى السلف من تفسير الاستواء بالاستيلاء غلط كبير وكذب صريح لا يجوز الالتفات إليه، بل كلام السلف الصالح في ذلك معلوم ومتواتر، وهو ما أوضحه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من تفسير الاستواء بالعلو فوق العرش، وأن الإيمان به واجب، وأن كيفيته لا يعلمها إلا الله سبحانه، وقد روي هذا المعنى عن أم سلمة - أم المؤمنين - وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك - رحمه الله - وهو الحق الذي لا ريب فيه، وهو قول أهل السنة والجماعة بلا ريب.

وهكذا القول في باقي الصفات من السمع والبصر والرضى والغضب، واليد والقدم والأصابع والكلام والإرادة وغير ذلك. كلها يقال فيها إنها معلومة من حيث اللغة العربية، فالإيمان بها واجب، والكيف مجهول لنا لا يعلمه إلا الله سبحانه مع الإيمان أن صفاته سبحانه كلها كاملة، وأنه سبحانه لا يشبه شيئا من خلقه فليس علمه كعلمنا ولا يده كأيدينا ولا أصابعه كأصابعنا ولا رضاه كرضانا، إلى غير ذلك، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١)، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (٢) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (٣) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (٤) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٥)، وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (٦)، والمعنى: أنه لا أحد يساميه سبحانه، أي يشابهه، وقال عز وجل: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (٧)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، والواجب على المؤمن التمسك بما أخبر الله به ورسوله ودرج عليه


(١) سورة الشورى الآية ١١
(٢) سورة الإخلاص الآية ١
(٣) سورة الإخلاص الآية ٢
(٤) سورة الإخلاص الآية ٣
(٥) سورة الإخلاص الآية ٤
(٦) سورة مريم الآية ٦٥
(٧) سورة النحل الآية ٧٤