يقول الحافظ ابن كثير عند هذه الآية: فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها وأشملها وأعظمها وأكملها؛ حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدا وأمينا وحاكما عليها كلها، وتكفل - تعالى - حفظه بنفسه الكريمة فقال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(١).
واقتضت حكمته سبحانه وتعالى أن يكون الصحابة الكرام - رضي الله عنهم أجمعين - هم المصطفين الأخيار الذين تلقوا عن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان زمانهم خير القرون وأفضلها، تعلموا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهدى والنور والحق المبين الذي جاء به من عند رب العالمين، فكانوا هم أتباعه وحاملين لواءه والداعين إليه، وسار على منهجهم التابعون وتابعوهم بإحسان الذين كانوا متمسكين بكتاب الله - سبحانه وتعالى - وهدي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحريصين على السير عليه، حتى بدأت الفتن تظهر بعد انقضاء عصر النبوة والخلافة الراشدة، فحدث التفرق،