للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول ابن جرير الطبري: " الوسط هو الجزء الذي بين الطرفين، مثل وسط الدار، وقد وصف الله هذه الأمة بالوسط؛ لتوسطها في الدين " (١).

وجاء في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة أو أعلى الجنة (٢)». . . " (٣).

يقول الحافظ ابن حجر: قوله: أوسط الجنة أو أعلى الجنة، المراد بأوسط هنا: الأعدل والأفضل، كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (٤).

فالوسطية في الشرع تعني الاعتدال والتوازن بين أمرين أو طرفين بين إفراط وتفريط أو غلو وتقصير، وهذه الوسطية إذن هي العدل والطريق الأوسط الذي تجتمع عنده الفضيلة.

وأهل السنة والجماعة يتميزون بالوسطية والاعتدال بين الفرق الأخرى التي تقف على طرفي نقيض، فتجد إحداهما في أقصى اليمين مثلا وتقف الأخرى في أقصى اليسار، وتظهر هذه الوسطية في


(١) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (٢/ ٦، ٧).
(٢) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٧٩٠)، مسند أحمد (٢/ ٣٣٩).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد (٦/ ١١).
(٤) سورة البقرة الآية ١٤٣