للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذه الأحاديث وغيرها قد اشتملت على التصريح ببقاء الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، والطائفة المنصورة هي الجماعة دل على ذلك أمور ثلاثة:

أحدها: ما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه فقد جاء فيه ما نصه: «قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (١)».

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر حذيفة باعتزال كل ما عدا الجماعة، والطائفة المنصورة إن لم تكن هي الجماعة التي أمر صلى الله عليه وسلم حذيفة بلزومها، فإنها تكون داخلة فيما أمره باعتزاله، وهذا محال، ولهذا يتعين القول بأن الطائفة المنصورة هي الجماعة التي أمر حذيفة بلزومها، ويؤكد ذلك اتحادهما في الصفة، فالجماعة المذكورة في حديث حذيفة هي التي اجتمعت على طاعة أمر كما ذكر الإمام الطبري وغيره، والطائفة المنصورة جاء في صفتها أنهم «ظاهرون على الحق (٢)» وأنهم «يقاتلون على الحق (٣)»، ولا بد للظهور على الحق وللقتال في سبيل الله من جماعة وإمارة.

الأمر الثاني: اتفاق الطائفة المنصورة والجماعة في التعريف، فقد فسر كبار علماء السلف الطائفة المنصورة بأهل الحديث وأهل العلم، فقد روى الخطيب (٤) البغدادي رحمه الله بسنده عن الإمام


(١) صحيح البخاري الفتن (٧٠٨٤)، صحيح مسلم الإمارة (١٨٤٧)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٧٩).
(٢) سنن الدارمي الجهاد (٢٤٣٣).
(٣) سنن أبي داود الجهاد (٢٤٨٤)، مسند أحمد (٤/ ٤٣٧).
(٤) شرف أصحاب الحديث (ص ٢٦، ٢٧).