للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للجماعة، فإنها تلازمها في كل أحوالها حتى تنتهي بها إلى جنة النعيم كما قال صلى الله عليه وسلم: «من أراد بحبحة الجنة فعليه بالجماعة (١)».

ورحمة الله هي سبب كل سعادة وفلاح، فما خالطت قليلا إلا كثرته، ولا عسيرا إلا يسرته، ولا كربا إلا نفسته، ولا شدة إلا فرجتها، وما نزعت من شيء إلا كان نقمة ووبالا على صاحبه، وهي بيد الله وحده، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (٢)، ومفارقة الجماعة تخرج بأصحابها من تلك الرحمة إلى العذاب، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب (٣)» فملازمة العذاب للفرقة مثل ملازمة الرحمة للجماعة، وهذا أيضا مفهوم من المقابلة بينهما في الحديث، وربما كانت مفارقة الجماعة والخروج من الطاعة سببا لسوء الخاتمة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية (٤)».

وقال صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه (٥)».

وكما تنتهي الرحمة بالملازم لجماعة إلى بحبحة الجنة، فقد


(١) سنن الترمذي الفتن (٢١٦٥)، مسند أحمد (١/ ١٨).
(٢) سورة فاطر الآية ٢
(٣) مسند أحمد (٤/ ٣٧٥).
(٤) صحيح مسلم (كتاب الإمارة، ح ١٨٤٨).
(٥) سنن أبي داود (كتاب السنة، ح ٤٧٥٨).