للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: صدق رحمه الله، وشاهد ذلك من واقعنا اليوم حال بلاد الصومال وبلاد العراق، فقد كان نظام الحكم فيهما على قدر كبير من الظلم والفجور، ولكن الحال الذي وصلت إليه بعد سقوط الحكم فيهما من سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وخراب الديار أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل ذلك فهل من معتبر؟!.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولهذا كان السلف كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما يقولون: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان " (١).

والمراد الدعوة لولي الأمر بالصلاح والإصلاح واجتماع الكلمة عليه؛ يقول البربهاري رحمه الله: " إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة، إن شاء الله ".

ثم أسند إلى الفضيل بن عياض رحمه الله قوله: " لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان" قيل له: يا أبا علي فسر هذا؟ قال: "نعم، إذا جعلتها في نفسي لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان فصلح صلح بصلاحه العباد والبلاد، فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن ظلموا وإن جاروا؛ لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين" (٢).


(١) السياسة الشرعية (١/ ٧٢٩ - ٧٤٢).
(٢) شرح السنة (ص ١١٦).