للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتحقق بذلك انتقل إلى المرتبة التي تليها وهي الإنكار باللسان بشرطه السابق، فإن تعذر ذلك انتقل إلى المرتبة الثالثة والأخيرة وهي الإنكار بالقلب، وهي كراهية المنكر واستصحاب النية على تغييره عند القدرة. وعمل القلب هذا كاف لرفع التبعة والحرج، ولذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم تغييرا، والإنكار بالقلب أكثر ما تدعو إليه الحاجة عندما تصدر المنكرات ممن له ولاية وسلطان ويغلب على الظن أن الإنكار يؤدي إلى فتنة أو ضرر محقق على المنكر، ولذلك جاء توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا النوع من الإنكار مقرونا بالأمر بالسمع والطاعة، ففي حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة (١)».

وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع (٢)».

قال النووي - رحمه الله- في شرحه على هذا الحديث: "معناه من كره ذلك فقد برئ من إثمه وعقوبته، وهذا في حق من


(١) سبق الحديث (رقم ١٦).
(٢) سبق الحديث (برقم ١٧).