للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذهب الحنفية إلى أن حل الانتفاع ليس شرطا في المالية، وليس من ضرورة التحريم سقوط المالية وهذا دفعهم إلى تقسم المال إلى قسمين: مال متقوم، ومال غير متقوم، فالمال المتقوم عندهم هو ما يباح الانتفاع به شرعا في حال السعة والاختيار، والمال غير المتقوم هو ما لا يباح الانتفاع به في حال الاختيار؛ كالخمر والخنزير في حق المسلم. وعليه فإنها للذمي تعتبر مالا متقوما؛ لأنه يتمولها ولا يعتقد حرمتها، وقد أمرنا بتركهم وما يدينون (١).

وهذا يعني أنه ليس من ضرورة التحريم سقوط المالية عند الحنفية، بل سقوط التقوم فقط، فإن التقوم يثبت بالمالية وبإباحة الانتفاع معا فإن تخلف شرط الإباحة لم يكن متقوما وإن بقي مالا، كالخمر والخنزير بالنسبة للمسلم، وإن تخلف شرط المالية لم يكن متقوما وإن كان مباحا، كحبة القمح مثلا، فالمالية أعم من التقوم (٢). وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن حل الانتفاع شرط في المالية، وأن كل ما لا يباح الانتفاع به شرعا فليس بمال أصلا، كالخمر، والخنزير، والميتة، والدم، والأصنام،


(١) المبسوط (٥/ ٣٨ - ٤٠) و (١٣/ ٢٥)، وبدائع الصنائع (٧/ ١٤٧)، وحاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠١) و (٦/ ٥٢٠).
(٢) المبسوط (٥/ ٣٩، ٤٠) و (١٣/ ٢٥)، وبدائع الصنائع (١/ ١٤٧)، وحاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠١).