الذي يترجح -في نظري- إنما هو رأي الجمهور القائلين بمالية المنافع؛ لقوة أدلتهم، وموافقتهم لعرف الناس ومعاملاتهم، مما يتمشى مع الأصل في المعاملات، وهو الحل والتسير.
ومما يدل على قوته: أن العقد يرد عليها، وتصير مضمونة به حتى عند المخالفين، وهذا آية ماليتها؛ إذ لو لم تكن مالا في ذاتها لما صارت مالا بالعقدة لأن العقود لا تقلب حقائق الأشياء، بل تقرر خصائصها.
ثمرة الخلاف في مالية المنافع:
يترتب على الخلاف في مالية المنافع الخلاف في فروع؛ منها:
١ - أن منافع العين المغصوبة مضمونة بالفوات والتفويت، فإذا غصب رجل دارا وسكنها سنين وجبت عليه أجرتها لصاحبها عن هذه السنين عند الجمهور من الشافعية والحنابلة، أما عند الحنفية: فلا أجرة عليه؛ لأنها كانت في ضمانه فله خراجها، ولأنه هو الذي صيرها مالا بالعقد عليها؛ لأن المنافع لا تكون مالا إلا بالعقد عليها -كما مر- ومن صير ما ليس بمال من ملك الغير مالا بفعله كان ذلك المال له، وعن الإمام مالك روايتان كالرأيين.