بن عبد الله وغيرهم، رضي الله عنهم أجمعين، ومن بعدهم من التابعين وتابع التابعين.
ثم سار من بعدهم الأغنياء والموسرون من المسلمين فأوقفوا الأوقاف وأشادوا الصروح، بنوا المساجد، وأنشئوا المدارس وأقاموا الأربطة، وهؤلاء الأخيار والأغنياء الأبرار لم يدفعهم إلى التبرع بأنفس ما يجدون وأحب ما يملكون، ولم يتنازلوا عن هذه الأموال الضخمة والثروات الهائلة إلا لعظم ما يرجون من ربهم ويأملون من عظيم ثواب مولاهم، ثم الشعور بالمسئولية تجاه الجماعة والأقربين، دفعهم ذلك كله إلى أن يرصدوا الجزيل من أموالهم ليستفيد إخوانهم أفرادا وجماعات، جمعيات وهيئات، أقرباء وغرباء.
قال بعض أهل العلم: الوقف شرع لمصالح لا توجد في سائر الصدقات، فإن الإنسان ربما صرف مالا كثيرا ثم يفنى هذا المال، ثم يحتاج الفقراء مرة أخرى أو يأتي فقراء آخرون فيبقون محرومين، فلا أحسن ولا أنفع للعامة من أن يكون شيء وقفا للفقراء وابن السبيل يصرف عليهم من منافعه ويبقى أصله.
ففي الوقف تطويل لمدة الاستفادة من المال، فقد تهيأ السبل لجيل من الأجيال لجمع ثروة طائلة، ولكنها قد لا تتهيأ للأجيال التي بعدها، فبالوقف يمكن إفادة الأجيال اللاحقة. مما لا يضر الأجيال السابقة.