للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (١)» متفق عليه (٢).

ويعد الوقف بمفهومه الواسع أصدق تعبيرا وأوضح صورة للصدقة التطوعية الدائمة، بل له من الخصائص والمواصفات ما يميزه عن غيره، وذلك لعدم محدوديته واتساع آفاق مجالاته، والقدرة على تطوير أساليب التعامل معه، وكل هذا كفل للمجتمع المسلم التراحم والتواد بين أفراده على مر العصور بمختلف مستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها الأمة الإسلامية خلال الأربعة عشر قرنا الماضية، فنظام الوقف مصدر مهم لحيوية المجتمع وفاعليته، وتجسيد حي لقيم التكافل الاجتماعي التي تنتقل من جيل إلى آخر حاملة مضموناتها العميقة في إطار عملي يجسده وعي الفرد بمسؤولياته الاجتماعية، ويزيد إحساسه بقضايا إخوانه المسلمين، ويجعله في حركة تفاعلية مستمرة مع همومهم الجزئية والكلية.

إن الدارس للوقف في الحضارة الإسلامية ليعجب من التنوع الكبير في مصارف الأوقاف، فكان هناك تلمس حقيقي لمواطن الحاجة في المجتمع، لتسد هذه الحاجة عن طريق الوقف، فالوقف من حيث بعده الاجتماعي يبرهن على الحس التراحمي الذي يمتلكه


(١) صحيح البخاري الأدب (٦٠١١)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٨٦)، مسند أحمد (٤/ ٣٧٥).
(٢) رواه البخاري في صحيحه ١٠/ ٣٦٧، ومسلم في صحيحه برقم ٢٦١٥ عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما.